في إحدى القرى الهادئة، كان هناك فلاح بسيط يعيش مع أسرته في مزرعة واسعة مليئة بالحيوانات.
في إسطبل المزرعة كان هناك ثور قوي اعتاد أن يجر المحراث كل يوم من الصباح حتى غروب الشمس، كما كان هناك حمار يقضي وقته بين اللعب في الساحة أو الاستلقاء على التبن الناعم دون أن يُكلَّف بعملٍ شاق.
وذات مساء، جلس الثور منهكًا بعد عودته من الحقل، والتفت إلى الحمار قائلاً: ـ "آه يا صديقي، ما أقسى حالي! أعمل طوال النهار تحت الشمس الحارقة أو وسط الطين البارد، بينما أنت تعيش في راحة وهناء. أليست هذه قسمة جائرة؟"
تأثر الحمار بكلام الثور، وظن أنه قادر على مساعدته بحيلة، فقال له: ـ "اسمع نصيحتي: تظاهر بالمرض، وامتنع عن الأكل، وإذا حاولوا ربطك بالمحراث غدًا فاسقط على الأرض وكأنك عاجز.
كرر ذلك أيامًا قليلة، وستحظى بالراحة مثلي." لكن الفلاح الذي كان يمر قرب الإسطبل سمع حوارهما، فقد كان يمتلك قدرة عجيبة على فهم لغة الحيوانات. ابتسم بدهاء، ولم يُعلِم أحدًا بما سمع.
وفي الصباح التالي، نفذ الثور الخطة ورفض الطعام، ثم تظاهر بالضعف عندما جاء الحَرّاث ليأخذه للحقل. عندها أمر الفلاح قائلاً: ـ "دعوا الثور يستريح اليوم، وخذوا الحمار ليجر المحراث مكانه.
قد يكون أصغر حجمًا، لكن لا خيار لدينا!" وبالفعل، أمسك الحَرّاث بالحمار وربطه بالمحراث. فجرَّ الحمار طوال النهار الحديد الثقيل جيئة وذهابًا، والشمس تحرق ظهره، والعصا تنهال عليه كلما تباطأ. عاد في المساء منهكًا، بالكاد يستطيع السير. رآه الثور فرحًا وقال له: ـ "لقد ارتحت اليوم كثيرًا، أشعر بالجوع فقط، لكن لا بأس.
وأنت، كيف كان يومك؟" لم يرد الحمار، بل انسحب إلى ركن الإسطبل وهو يهمس لنفسه: ـ "ما أغباني! لو صمتُّ لكان خيرًا لي." لكن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، فالثور استمر في التظاهر بالمرض في اليوم التالي.
فعاد الفلاح يكرر أوامره: ـ "خذوا الحمار ثانية للحرث، فلا وقت نضيعه." عاش الحمار يومًا آخر من التعب والضرب، حتى بدأ يفكر في طريقة للخلاص.
وعندما رجع إلى الإسطبل في الليل، التفت إلى الثور وقال بجدية: ـ "صديقي، يجب أن أخبرك بشيء خطير. سمعت الفلاح يقول للحراث إنه إذا بقيت مريضًا فلن ينفع الاحتفاظ بك، وسيبيعك للجزار غدًا! نصيحتي أن تُظهر قوتك صباحًا وتعود لعملك قبل أن يفوت الأوان." وفي تلك اللحظة دخل الفلاح مبتسمًا وهو يضع لهما طعامًا وفيرًا، وكأنه فهم ما دار بينهما.
وفي الصباح، نهض الثور نشيطًا، يقفز في مكانه ويضرب الأرض بقدميه وكأنه لم يمرض قط، فتبادل الفلاح وزوجته الضحكات وهما يشاهدانه يهرول للحقل باندفاع. أما الحمار، فظل صامتًا في زاويته، وقد تعلم درسًا قاسيًا: النصيحة الخاطئة قد تجلب مشقة تفوق التعب الذي كنا نهرب منه